الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية درس في برلين وانتخب سنة 1924 كاتبا عاما لأوّل نقابة تونسيّة ثم حوكم بالنفي وتوفي في الحجاز: شذرات من مسيرة النقابي محمد علي الحامي

نشر في  09 جوان 2018  (12:58)

بقلم الأستاذ عميره عليّه الصغيّر من كتابه " في التّحّرر الإجتماعي و الوطني"

محمد علي الحامي (1894-1928)
هم يحيون ذكرى الباندية و نحن نحيي ذكرى رجال تونس و نسائها

محمد علي الحامي هو أحد روّاد العمل النّقابي بتونس ومؤسّس جامعة عموم العملة التونسيّة. ولد محمد علي بن علي بن المختار الحامي بحامة قابس في 1894 من أب فلاّح فقير. انتقل إلى تونس وعمره ثماني سنوات بعد وفاة أمه ليعيش مع أخته المستقرّة بتونس.

وقد واصل دراسته بالكتّاب بالعاصمة. ثم اشتغل مبكّرا بقنصليّة النّمسا كخادم لقضاء بعض الشّؤون حيث كان أخوه يشتغل "شاوشا" وقد مكّنه شغله وذكاؤه من تعلّم الألمانيّة والفرنسية والايطالية كذلك ميكانيك السيّارات. أصبح فيما بعد سائقا بقنصل النّمسا وسائقا حرّا بعد سفر هذا الأخير.

عند اندلاع الحرب الطرابلسيّة اصطحب سنة 1911 أنور باشا مبعوث السّلطنة العثمانية لطرابلس كسائق له ولإيمانه بضرورة التّضامن مع الطرابلسيّين في مقاومتهم للاحتلال الايطالي.

ومع نهاية الحرب الطرابلسية التحق بأنور باشا باسطنبول حيث اشتغل سائقا بمستودع تابع للدّولة وهناك التقى بأحد رموز الحركة الوطنية التّونسيّة آنذاك ألا وهو صالح الشّريف الذي عمّق من وعيه الوطني.

بعد الحرب انتقل إلى برلين وعمل هنالك كما تابع بجامعتها دروسا في العلوم الاقتصاديّة مكنته من استيعاب أفضل للمفاهيم الاقتصاديّة والاجتماعيّة. كما عايش في هذه المدينة تصاعد التيّار الاشتراكي والحركة السبارتاكيّة والتقى أعضاء "النّادي الشرقي" ممّـا عمّق وعيه الوطني وانخراطه في النّضال الاجتماعي.

بعد إقامة قصيرة بتونس سنة 1923 عاد نهائيا إلى وطنه في مارس 1924 وكلّه حماس للرّفع من شأن المجتمع التّونسي وبعث تعاضديات في خدمته. وكان تأسيس "جمعيّة التّعاون الاقتصادي التّونسي" في 29 جوان 1924 لهذا الغرض وقد ساعده على انجاز هذا المشروع كل من الحبيب جاء وحده والعربي مامي والطّاهر بوتوريّة والطّاهر صفر والطّاهر الحدّاد.

لكن تصاعد النّضال العمّالي في صائفة 1924 سوف يجعل محمد علي ورفاقه يولّون جهدهم لمسـاندة الشّغيلة فكوّنوا لجنة مساندة إضراب عمّال الميناء ومنها تولّد مشروع بعث نقابة تونسيّة مستقلّة أمام تخاذل النّقابيّين الفرنسيّين في تبنّي قضايا العمّال الأهالي.

وقد انتخب محمد علي في 3 ديسمبر 1924 كاتبا عاما لأوّل نقابة تونسيّة صـرفة أي "جامعة عموم العملة التونسيّة" حيث انخرط دون كلل في إرساء النّقابات الجديدة وتوعية العمّال ومساندة الإضرابات متنقّلا في كامل جهات البلاد.

وأمام هذا الخطر الذي يمثّله النّضـال العمّالي المنظّم أقدمت سلطة الحماية في 5 فيفري 1925 على إيقاف محمد علي ورفيقيه المختار العيّاري والقيادي الشيوعي فندوري ليلحق بهم يوم 7 فيفـري محمود الكبادي ومحمد الغنوشي وعلي القروي.

وقدّموا للمحاكمة فـي نوفمبر 1925 بتهمة التآمر على أمن الدّولة وحكم على محمد علي بعشرة أعوام نفي من التّراب الفرنـسي وتوابعه.

ورحل عن البلاد في 26 نوفمبر 1925 نحو إيطاليا حيث طرد منها فتوجّه إلى اسطنبول فلقي نفس المصير فتوجّه في 20 فيـفري 1926 إلى طنجة عازما الالتـحاق بثوّار الرّيف بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطّابي فألقي عليه القبض وسجن ليطرد من طنجة في 2 مارس 1926. انتهى به القرار بالحجاز حيث عـمل سائق سيـارة أجرة. وقد مـات هناك في حادث مـرور في 10 ماي 1928 في الطريق الرّابطة بين جدّة ومكّة ودفن هنالك.